خطأ شائع
قال العلامة الألباني رحمه الله تعالى :
( أرى لزامًا عليّ أن أنبه على خطأ شائع من كثير من طلاب العلم وغيرهم ألا وهو: أنهم إذا كانوا في مجلس علم وأراد أحدهم أن ينزع بآية وأن يستدل بها أو أراد أن يسأل عن دلالتها أو عما ينبغي التوفيق بينها وبين حديث ما يقول السائل : قال الله عز وجل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ) مثلًا ، أو قال: قال الله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، ونحو ذلك من الأقوال، فهذا خطأ محض فيه نسبة شيء إلى الله لا يقصده القائل ولكنه يدان بلفظه فيقع في مخالفةِ قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( إياك ومايعتذر منه )، فنحن حينما نستدرك على بعض الناس فنقول لهم أين قال الله :أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ) لايوجد شيء من هذا إطلاقًا، لكن أدري كما يدري كل فرد منكم إن هذا القارئ أو هذا المستدل أو هذا السائل إنما يقول هذه الكلمة ويذكر هذه الاستعاذة بين يدي الآية إعمالًا منه أو تطبيقًا منه لقوله تعالى : (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ) هكذا يقولون حينما نعترض عليهم مذكرًا لهم بأن هذا لاينبغي أن يكون كذلك، لأنك قولك قال الله بعد كذا يعني أن الله قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا) وبخاصة إذا قيل قال الله بعد أعوذ بالله ،هذه البعدية إنما تتعلق به ولاتتعلق بالله تبارك وتعالى ،وعلى ذلك فينبغي لكل من ساق آية يريد الاستدلال بها أو يريد السؤال عنها أن يتلوها مباشرة ولا يقول قال الله تعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ) ولايقول قال الله بعد أعوذ بالله وإنما رأسًا يذكرها فيقول ما التوفيق بين قوله تعالى فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ) وبين حديث كذا ، هكذا يجب أن تنتبهوا ، حتى لا تقعوا في مؤاخذة مخالفة قول الرسول عليه السلام: (إياك ومايعتذر منه)،(لاتكلمن بكلام تعتذر به عند الناس) دائمًا الناس يقولوا : والله قصدت كذا ، ياأخي قصدك في قلبك لايعرفه إلا ربك ، لكن أحسن التعبير عن قصدك بلفظك ، ألم تسمعوا إنكار الرسول عليه السلام الشديد على ذلك الصحابي الذي سمع موعظةً من النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقام ليظهر خضوعه واتباعه وإطاعته للنبي بقوله: ماشاء الله وشئت يارسول الله ، فماذا كان موقفه عليه السلام قال: (أجعلتني لله ندًّا ؟! قل ماشاء الله وحده ) أترون بأن هذا الصحابي قصد بقوله مخاطبًا لنبيه : "ماشاءالله وشئت" أن يجعله شريكًا مع الله؟ ماآمن برسول الله يقينًا إلا فرارًا من الشرك ، إذن لماذا بالغ الرسول عليه السلام في الإنكار عليه بهذه العبارة الشديدة: ( أجعلتني لله ندًا قل ماشاء الله وحده)، إذن لاينبغي أن تسوغوا أخطاءكم اللفظية بصوابكم القلبي ، هذا لا يسوغ ذاك فعلينا إذا تكلمنا بكلام أن يكون كلامنا مطابقًا لحسن قصدنا
وألايكون كلامنا سيئًا وقصدنا حسنًا بل يجب أن يطابق اللفظ مافي القلب هذه تذكرة وهذه تنفع المؤمنين إن شاء الله )
من الشريط رقم 33 من سلسلة فتاوي جدة